في زاوية من زوايا سوق الشورجة العريق ببغداد، ووسط ضجيج الباعة وعبير الهيل والزعفران، وُلدت قصة رجل قرر أن يصنع الفرق بمذاق فريد.
عباس البهادلي، رجل بسيط، لكنه يحمل في قلبه حبًّا كبيرًا للعراقة، وتفاصيل صغيرة اختزنها منذ الطفولة لتحوّل الشاي من مشروب يومي إلى تجربة متكاملة تحاكي الذكريات.
بدايات صغيرة.. وشغف متجذّر
عباس لم يتعلّم تحضير الشاي في معهد أو شركة، بل في حضن جدته، حيث اعتاد أن يراقبها وهي تخلط الأعشاب وتهمس بنصائحها حول التوازن والمذاق. هناك، بدأ يدرك أن الشاي فنّ، وأن لكل خلطة حكاية.
ومع مرور السنوات، بدأ يصنع خلطته الخاصة، وشيئًا فشيئًا، بدأ الناس يسألون عنه بالاسم، فاشتهرت الخلطة وانتشر صيتها بين محبّي النكهة العراقية الأصيلة.
من بغداد إلى دبي.. نكهة تعبر القارات
نجاح عباس لم يتوقف داخل حدود العراق. فمع ازدياد الطلب وولاء الزبائن، قرر أن ينقل الخلطة إلى مستوى جديد، وافتتح فرعًا في دبي، ليصل بطعمه المميز إلى المغتربين العراقيين وكل من يبحث عن نكهة دافئة تحمل في طياتها رائحة البيوت القديمة.
الفرع الجديد لا يقدّم فقط الشاي، بل يوفّر خدمة التوصيل داخل الإمارات ودول الخليج، مما جعل من “خلطة عباس” اسمًا مألوفًا في كثير من البيوت العربية هناك.
“الشاي ما ينشرب، الشاي ينحسّ”
بهذه الكلمات، يلخّص عباس فلسفته. فبالنسبة له، الشاي ليس مجرّد مزيج من أوراق مغلية، بل لحظة شعور، ودفقة من الحنين، ووسيلة للتواصل بين الأجيال.
ولذلك حرص على أن تكون الخلطة سهلة التحضير في البيت، دون أن تفقد روحها أو خصوصيتها.
تيك توك.. جسر بين التقاليد والعصر
يحرص عباس على مشاركة قصته وتفاصيل يومه على تيك توك من خلال حسابه @abs_she1، حيث يتابعه الآلاف، ويقدّم وصفات ولقطات خلف الكواليس، ما ساعده على بناء مجتمع حول فكرته، وربط جمهوره بالمنتج ليس فقط من خلال المذاق، بل من خلال العاطفة والانتماء.
قصة تلهم.. ومذاق لا يُنسى
عباس البهادلي لم يأتِ بجديد في عالم التجارة، لكنه أعاد تعريف ما يعنيه تقديم منتج يحمل روح البلد، ولمعة الذكريات، وصدق النية.
خلطته ليست فقط شايًا، بل هي رحلة إلى بغداد في كل رشفة، تجربة صنعتها يدان عراقيتان بلمسة من الحنين، وجعلت منها علامة فارقة في عالم الذوق.
